الاستخدام الخاطئ للمضادات الحيوية يفقدها الفعالية

رغم المضار الناتجة عن سوء استخدام المضادات الحيوية، إلا أن كثيرين يصرون على سوء استعمال المضادات، ظانين أن أخذها يعد علاجا سحريا شافيا من جميع أمراضهم، وسوء الاستخدام لا يعني الإدمان وإنما استعمال الدواء في غير موضعه.

وهل يمكن تصور أحوال العالم قبل اكتشاف المضادات الحيوية، وكيف كانت الأمراض المختلفة؛ مثل السل والكوليرا والتيفوئيد والطاعون تفتك بأعداد هائلة من البشر في أيام معدودات؟ والآن هل يمكن تخيل ماذا يمكن أن يحدث إن فقدت المضادات الحيوية فاعليتها وعادت هذه الأمراض تفتك بالبشر؟

وهل تعلم أنك ومن خلال استخدامك الخاطئ للمضادات الحيوية تسهم في فقدان هذه المضادات لفاعليتها، وفي رجوع الأمراض الجرثومية الفتاكة من جديد! كيف ذلك؟

لمعرفة الإجابة عن هذه التساؤلات، لا بد من الاطلاع على هذا البحث المختصر الذي يبين ماهية المضادات الحيوية، ومخاطر سوء استخدامها، وكيف يمكنك كفرد عادي أن تحد من هذه المشكلة الخطيرة.

ما المضادات الحيوية؟

هي عبارة عن مواد طبيعية أو مشتقات من بعض المواد الطبيعية، لها القدرة على إبطال أو تثبيط نمو الكائنات البكتيرية المسببة للأمراض الجرثومية المختلفة، وفي الوقت الحاضر، أصبحت المواد والعقاقير المصنعة التي تمتلك مثل هذه الخاصية، تدخل ضمن التعريف الخاص بالمضادات الحيوية.

ولاحظ عزيزي القارئ أن المضادات الحيوية لها فاعلية ضد الأمراض البكتيرية، وليس ضد الأمراض الناتجة عن الفيروسات؛ مثل الزكام أو البرد أو الرشح أو الأنفلونزا، رغم أن العديدين يسارعون إلى استخدام المضادات الحيوية حال شعورهم بأعراض البرد أو الرشح، وهذا من الأخطاء الشائعة التي تترتب عليها مخاطر عظيمة.

ماذا يعني سوء استخدام المضادات الحيوية؟

هو استخدام المضادات الحيوية في غير محل استخدامها، فمثلا يعد استعمال المضادات الحيوية من غير أن يكون هنالك داع أو التهاب بكتيري يحتم ذلك سوء استخدام للمضاد الحيوي، ويجب استخدام المضاد الحيوي المناسب للالتهاب البكتيري المناسب؛ فليست جميع المضادات الحيوية فعالة ضد جميع أنواع الالتهابات الجرثومية، بل إنه لكل مضاد حيوي طيف فاعلية محددة، والطبيب هو القادر على الفصل من خلال الخبرة والفحوصات المخبرية في هذا الأمر، ولذا فإن المضادات الحيوية في الدول المتقدمة لا تصرف إلا بوصفة طبية.

ما عواقب الاستخدام الخاطئ للمضادات الحيوية؟

يمكن القول، عزيزي القارئ، إن البكتيريا المسببة للأمراض عبارة عن كائنات حية ذكية جدا، فعند تعرضها للمضادات الحيوية، وخصوصا في حالات سوء الاستخدام، فإنها تستطيع أن تحور نفسها وتغير في تركيبها؛ حيث تصبح مقاومة لتلك المضادات التي كانت حساسة لها فيما مضى، ويعد هذا الأمر خطيرا جدا ولا يمكن الاستهانة به، إذ إنه بمرور الزمن سوف تفقد المضادات الحيوية فاعليتها، وتنتشر الأمراض الجرثومية الخطيرة من جديد إذا ما استمر الوضع على هذا النحو السيئ.

كما تنتج عن سوء استخدام المضادات الحيوية زيادة كلفة العلاج؛ ذلك أن المضاد الحيوي لن يكون فعالا في القضاء على المرض، ولذا فإن المريض سيلجأ إلى استخدام العديد من الأدوية من دون أية فائدة، وبذلك ترتفع تكلفة العلاج على المريض من دون أن يلاحظ أي تحسن في حالته.

ومن جهة أخرى، فإن استخدام المضادات الحيوية بشكل عشوائي ستنتج عنه مضاعفات جانبية خفيفة أو شديدة من أهمها: حدوث حالات الإسهال والحساسية الشديدة التي قد تؤدي إلى الوفاة في بعض الأحيان، وبالإضافة إلى ذلك، فإن استخدام المرأة الحامل لبعض المضادات الحيوية، وخصوصا خلال الأشهر الثلاثة الأولى من الحمل، قد يسبب أضرارا شديدة على الجنين.

نصائح للحد من ظاهرة سوء استخدام المضادات الحيوية

للفرد دور مهم ومسؤولية محددة تجاه مجتمعه خصوصا والإنسانية عموما، إذ لا يمكن الاستهانة بهذا الوضع الخطير الذي يهدد البشرية، فأنت في رؤية أطفالك أو أحفادك يعانون مخاطر الأمراض الجرثومية التي كان لها علاج فيما مضى، وقد عجز الطب عن مساعدتهم والأخذ بأيديهم نحو الشفاء، وحتى لا يحدث ذلك ينصح بالتقيد التام بما يلي:

1. الطبيب هو وحده المسؤول عن وصف المضادات الحيوية، ولذا لا ينبغي للمريض اللجوء إلى الصيدلية لشراء الدواء من تلقاء نفسه.

2. على المريض بأن يلتزم بتوجيهات الطبيب والصيدلي عند صرف المضاد الحيوي، من حيث: عدد مرات تناول العلاج في اليوم الواحد، ومدة العلاج، وتناول الدواء كاملا، إذ لا بد للمريض من إتمام مدة العلاج الموصوفة، ولا ينبغي إيقاف تناول العلاج إذا ما شعر المريض بالتحسن إلا بعد نفاد الكمية الموصوفة.

3. على المريض بإعلام الطبيب والصيدلي بحالات تحسسه لأي من مركبات المضادات الحيوية، وهذا الأمر مهم جدا، لأن تناول المضاد الحيوي في هذه الحالات قد يؤدي إلى وفاة المريض على الفور.

4. على المريض بالالتزام بالتعليمات الخاصة بتناول المضاد الحيوي من خلال: توقيت تناوله خلال الوجبات الغذائية، أو إمكانية التعرض لأشعة الشمس خلال فترة العلاج، وما إلى ذلك من تعليمات متعلقة بتناول المضاد الحيوي.