المسلسلات السورية توظف شخصياتها الناجحة في مشروعات درامية خاصة

حين ذهب الفنانون السوريون إلى مصر، كان ثمة جملة تتردد كثيراً في معرض التعليق على الأمر، وهي أن الدراما السورية ولادة، والعبارة ذاتها لطالما استعملها شيخ المخرجين السوريين هيثم حقي، في إشارة إلى المخرجين الشباب الذين يضطلعون اليوم يمهمة تقديم كثير من الأعمال الدرامية السورية،



ولعل المتابع لحركة إنتاج هذا العام.
وما يعدنا به إنتاج العام المقبل، ينتهي إلى أن الدراما السورية ليست فقط ولادة، فنانين وفنيين، بل إن مسلسلاتها ولادة أفكار مسلسلات أيضاً، وهو الأمر الذي يمكن أن نلتقطه في الإعلان عن خمسة مسلسلات على الأقل.ولدت من رحم مسلسلين اثنين، فمسلسل (يوميات أبو جانتي - ملك التاكسي) و(ضيعة ضايعة) ولدا من رحم لوحات كنا قد تابعناها في المسلسل الشهير (بقعة ضوء)، بينما تعدنا الأيام المقبلة بثلاثة مسلسلات منفصلة ولدت من رحم المسلسل الشهير (باب الحارة)، وهي: (يوميات النمس)، و(يوميات أبو بدر)، و(مقالب أبو غالب).

الأم (بقعة ضوء) وولدان للنور
شخصيات مسلسل (ضيعة ضايعة) الرئيسة جودة وأسعد، كانت قد اختبرت الجمهور في واحدة من لوحات بقعة ضوء، وقد ظهر الفنانان نضال سيجري وباسم ياخور آنذاك بالهيئة ذاتها التي شاهدناهما عليها في مسلسل ضيعة ضايعة.
حيث اعتمد هذا الأخير على مفارقة طيبة أسعد ومخاتلة وخبث جودة ليبني حكاياته في جزء عرض بشكل أسبوعي للمرة الأولى على قناة أبوظبي وحقق جماهيرية كبيرة أدت إلى إنجاز جزء ثان من المنتظر مشاهدته خلال الموسم الدرامي الحالي.

أما (أبو جانتي - ملك التاكسي)، فيمضي النجم سامر المصري إلى تجسيده، بحماسة، وهو مطمئن إلى حد كبير إلى النتيجة الجماهيرية، فشخصية سائق التاكسي أبو جانتي تكاد تكون هي الأشهر من بين شخصيات مسلسل بقعة ضوء وكركتراته التي باتت تعد بالمئات اليوم بعد تنفيذ ستة أجزاء من المسلسل،.
وعلى الرغم من أن الشخصية قدمت في الجزء الثالث من (بقعة الضوء) فإن لوحة ملك التاكسي لا تزال تعد من اللوحات الأثيرة التي تعد فخر صناعة اللوحات الكوميدية الانتقادية الساخرة ل(بقعة ضوء) وسواه.
ولاسيما أن النجم سامر المصري قدم فيها بأداء عفوي ومحبب إلى القلب نموذج شخصية تتصف بالشهامة وطيبة القلب، والاندفاع في مساعدة الآخرين بعفوية فطرية، وعرضت لسائق التاكسي بوصفه حكيماً أكثر من كونه قائد سيارة عادية، في إشارة إلى أن التاكسي عالم بحد ذاته.
وهو الأمر ذاته الذي أهّل الشخصية لتكون موضوع مسلسل كامل، يقوم اليوم المخرج زهير قنوع بالتحضير له، حيث من المفترض هذا المرة أن نتابع ثلاثة سائقي تاكسي هم النجوم سامر المصري، أيمن رضا وأندريه سكاف.

الأم (باب الحارة) وأولاد ثلاثة على الأقل
المسلسل - الأم (باب الحارة) سيقدم ثلاثاً من شخصياته الشهيرة في ثلاثة مسلسلات شهيرة، فالفنان نزار أبو حجر الذي أدى شخصية (أبو غالب) في الأجزاء الثلاثة الأولى من باب الحارة أعلن منذ أكثر من عام نيته تقديم مسلسل يحمل اسم (مقالب أبو غالب) فيه يكرس شخصية هذا الأخير الذي اشتهرت بقيامها بأكثر من مقلب مع أهل الحارة،.
ولاسيما مع حكيمها أبو عصام، الأمر الذي يرجح أن يكون العمل المنشود نسخة عن مقالب غوار الشهيرة، بالمقابل تبدو الشخصية المرشحة لإعادة مناخ كوميديا البدايات- كوميديا دريد ونهاد، هو مسلسل يوميات النمس.
وهنا سيستند المسلسل إلى شخصية النمس ضعيف البنية، المحتال والخبيث والذكي، في يوميات لا يشترط أن تدور أحداثها في حارة الضبع ذاتها أو في حارة مماثلة، ولكنها بلاشك لن تتخلى عن كركترها كما أحبه الناس.
ويبدو البحث اليوم عن صيغة أكثر حيوية هو هاجس الفنان مصطفى الخاني، الذي يعمل على المشروع بوصفه مشروعا شخصيا، إلى جانب عرّابه الأخير المخرج بسام الملا، ويبدو مسلسل (يوميات النمس) هو صاحب الحظ الأوفر بالخروج بعمل مشابه لأعمال دريد ونهاد الأولى، دون أن يستنسخ نفسه عنها.
بالمثل يعمل الفنان محمد خير الجراح على مهل في مشروعه يوميات (أبو بدر)، ولكنه هنا لن يستعير من مسلسل باب الحارة شخصيته فقط، وإنما عائلته كاملة، إذ سنتابع في المسلسل المنتظر عائلة أبو بدر (هو وزوجته فوزية وابنه بدر).

ولكن خارج حارة الضبع أيضاً، وضمن معطيات مكانية وزمانية جديدة، مع تطوير في حكايات الشخصيات مع الحفاظ على البنية الدرامية الأساسية لكل منها، أي الزوج الضعيف والمرأة المسترجلة، ومن المحتمل أن يتبنى المشروع المخرج بسام الملا أيضاً.
مؤخراً غاب الفنان نزار أبو حجر إعلامياً بإنجاز (مقالب أبو غالب)، ربما لأنه لم يجد من يتبنى فكرته إنتاجياً بعد، بينما يقول الفنان محمد خير الجراح إن أكثر من نصف مشروعه (يوميات أبو بدر) قد أنجز وبات قيد الانتهاء من كتابة النص، أما يوميات النمس فجار اليوم البحث عن كاتب يستطيع أن يحقق شرط المسلسل بالخروج بالنمس خارج إطار الحارة وقضاياها، شريطة الحفاظ على بنائه الدرامي وجماهيرته.
ومن المرجح أن يكون هذا الأخير ضمن خطط العام المقبل الإنتاجية لشركة ميسلون للإنتاج الفني- شركة المخرج بسام الاملا.

مشروعات شخصية
إن كنا لا نختلف على أن المسلسلات الأم السابقة نالت شهرة جماهيرية واسعة وقت عرضها، فإن ما رشح من المسلسلات الأبناء يبدو مبشراً حتى الآن إذا ما قيس الأمر بنجاح مسلسل (ضيعة ضيعة) الابن.
والأهم ان المسلسلات الخمسة بدت مشروعات شخصية لأصحابها، الأمر الذي يرجح وجود حرص اضافي على نجاحها، وقد أحبها الناس، وبالتالي هم سيرقبونها من موقع العارف- العاشق الذي ينتظر المزيد، وهو الأمر الذي نأمل ألا يخيب أحد أملهم فيه.