حمام الاطواق بين جوى العشاق ولوعة الفراق

حمام الاطواق


بين جوى العشاق ولوعة الفراق





عن كتاب الطير في الادب العربي

محمد ابو زبيد

:::::::::::::::::::::::::::::





اختلف اللغويون في الحمام واليمام ، والحمام عند العرب { اليمام والفواخت والقماري والقطا والوراشين وحمام الامصار، وهوكذلك عند علماء الحيوان خلا القطا فهو عندهم من فصيلة اخرى } (1) ، اما الجواهري فيرى ان الحمام عند العرب هو ذوات الاطواق ويضيف الى ما سبق ساق حر، ويقول انه يقع على الذكر والانثى الواحدة حمامة ، وحكى ابو حاتم عن الاصمعي في كتاب الطير ان اليمام هو الحمام البري وهو ضروب ، والفرق بين الحمام الذي عندنا واليمام ان اسفل ذنب الحمامة مما يلي ظهرها فيه بياض واسفل ذنب اليمامة لا بياض فيه (2) ، كما زعم ارسطو ان الحمام يعيش ثماني سنين (3) ، واشهر المؤلفات التي حملت اسم طوق الحمامة كتاب { طوق الحمامة في الألفة والألاف } للفقيه الشاعر الامام ابو محمد علي بن احمد بن سعيد ابن حزم الاندلسي ، { ويتضمن اعترافاته الذاتية وتجاربه وتجارب من حوله في شؤون عاطفية ، فكان ذلك من اجمل ما سجلته كتب التراجم العربية في هذا الباب ، وهو ترجمة ذاتية ، تصور شجاعة صاحبها في الحديث عن نفسه وعن مجتمه ، كما تدل على نوع دقيق من الاستبطان النفسي ومن دراسة عارضة لنفسيات الاخرين ، ويحتوي نظرة في الحب وفلسفته والتي تكاد تشبه ان تكون فلسفة افلاطونية وهي نوع من الحب العذري ، وطوق الحمامة كتبه ابن حزم بعد خروجه من قرطبة بوقت غير طويل ، وكان يسكن شاطبة ، وتحدث فيه عن مشاهداته في مدن الاندلس المختلفة ، وقسمه الى ثلاثين بابا ً : عشرة منها في ماهية الحب وعلاماته ، واثنا عشر منها في اعراف الحب وصفاته محمودها ومذمومها ، وستة ابواب في الآفات الداخلة على الحب وهي العاذل والرقيب والواشي ثم الهجر والبين والسلو ، وبابان هما الخاتمة }(4 ) ، كما افرد ابن المقفع في كتابه الشهير (كليلة ودمنة ) بابا ً اسماه باب الحمامة المطوقة ، { والذي يصف فيه كيف وقعت الحمامة المطوقة وصاحباتها في شرك الصياد ، وكيف استطعن ان يقتلعن الشبكة بوثبة طيران واحدة نحو الجرذ صاحب الحمامة المطوقة والذي قام بقرض الشبكة باسنانه } (5) ، وكذلك باب الحمامة والثعلب ومالك الحزين (6) ،
صنف ابي عبيدة كتابا ً اسماه "الحمام " (1) . كما
اشتهرت الحمامة وذاعت شهرتها بطوقها ، وما ان يذكر الطوق الا وتقترن بذكره الحمامة ليزيدها جمالا ً وبهاءا ً ، وقد تغنى به الشعراء، وهو يزين عنق الحمامة بشكل دائم وثابت ، وقد اختص به الله تعالى الحمامة دون غيرها من الطيور ، كما جاء بقول الشاعر (2) :



مطوقة كساها الله طوقا ً لم يخصص به طيرا ً سواها
وتضرب به الامثال لصاحب الصلة التي لا تفارقه كطوق الحمامة الذي لا يفارقها ، ويروى ان رجلا ً من بني حرام هجا الفرزدق ، فأقتاده قومه الى الفرزدق الذي قال فيه (3) :



ومن يك خائفا ً لأذاة شعري فقد أمن الهجاء بنو حرام



هـم قــادوا سفيههم وخافوا قلائد مثل اطواق الحمام
وجاء ايضا ً في طوق الحمامة (4) :



بلد أعارته الحمامة طوقها وكساه ريش جناحه الطاؤوس



وكأنما الانهار فيـه مدامــهُ وكأن ساحات الديار كؤوس
ويقول ايضا ًابن خفاجة الاندلسي (5) :



سكرى يغنّيها الحمام فينتشي طربا ً ويسقيها الغمام فتشرب



من حيث اطربنا الحمام عشية فشدا يغنّينا الحمـام المــطرب



وكأنــه والحســـن مقـترن بــه طوق على برد الغمامة مذّهب
وقال بعض الاعراب يصف طوق القمرية (6) :



كأن بنحرها والجيدُ منها اذا راقــت عيــون النــاظرينا



مـدادا ً لاقــه قـلم لطيـف فصاغ به لطوق ٍ والنحر نونا
بينما نظر الأعشى الكبير الى الطوق على انه المظهر الذي اشتهرت به الحمام ، بقوله(7) :



وماء صر ٍ لم ألق الا القطا به ومشهورة الاطواق ورقا ً نحورها
وبهذا المعنى قال الشاعرعارف عواد هلال في قصيدته المعنونة (طوق الحمامة )
(1) :



طوق الحمامة لا يفارق عنقها وكما الحمامة طوقتك قلائد
وقال بكر بن النطاح في طوق الحمامة (2) :



اذا شــئت غنتني ببغداد قينـة وان شئت غناني الحمام المطوق



لباسي الحسام او ازار معصفر درع حــديــد او قميــص مخلـــق

شكرا فاليوم

نورتي يا ايمي