تروي الأساطير، أن مدينة روما ولدت للتاريخ في الحادي والعشرين من شهر نيسان عام 753 قبل الميلاد من قبل التوأمين «روملوس» و«ريموس»، ابنا «مارس» إله الحرب عند قدماء الرومان، إذ أقدم روملوس في لحظة غضب على قتل أخيه ريموس ولينصب نفسه بعد ذلك كأول ملك على مدينة روما.
وبعيداً عن مدى صحة الأسطورة، فإن الحقائق التاريخية تؤكد على تأسس المدينة بالفعل في الألفية الأولى قبل الميلاد وتطورها من قرية صغيرة إلى «دولة مدينة» عاشت الكثير من الصراعات والحروب لتوسع حكمها الذي امتد من المحيط الأطلسي في الغرب إلى ضفاف نهر الفرات في الشرق، متضمنة جميع الأراضي المطلة على البحر الأبيض المتوسط والذي سماه الرومان «ماري نوستروم» أي بحرنا.
حكايات للتاريخ
تحفل قصة صعود وانحلال الإمبراطورية الرومانية بالكثير من الأحداث المأساوية، إذ خلد التاريخ من أباطرتها المتعطشين للدم «نيرون» الرهيب (54 ـ 68م)، «كومادوس» (180 ـ 192م) والإمبراطور المجنون «كاليغولا» (37 ـ 41 م). وعلى الرغم من قسوة بعض أباطرتها، إلا أن روما استمرت في الصعود وبقيت عاصمة للإمبراطورية حتى قام الإمبراطور «ديكوليتان» بتقسيم الإمبراطورية إلى قسمين، الإمبراطورية الرومانية الغربية وعاصمتها روما والإمبراطورية البيزنطية وعاصمتها القسطنطينية. ومنذ ذلك الحين بدأت روما في التراجع والهبوط.
ومع صعود المسيحية وازدياد سلطان الباباوات استعادت المدينة بعضاً من عافيتها ومكانتها التاريخية. وفي عهد البابا غريغوري الأول (590 ـ 604م) الذي شجع نشر المسيحية في أوروبا عادت الأموال تنهمر على المدينة، بحيث صرف البابا الجديد ومن بعده من الباباوات هذه الأموال على إعادة بناء روما. وعلى الرغم من الانحدار الذي لحق بالإمبراطورية خلال فترة نقل الكرسي البابوي إلى مدينة افينون استمر الباباوات في مشاريع البناء، وسعى كل واحد منهم إلى التفوق على من سبقوه وتخليد اسمه في التاريخ بمنشأة معمارية، واستفادت المدينة من فناني عصر النهضة الذين شارك الكثير منهم في بناء التحف المعمارية، وكان أهمهم على الإطلاق مايكل أنجلو الذي قضى أربع سنوات كاملة في رسم سقف كنيسة «السيستين» بالفاتيكان. بعد ذلك، انحسرت قوة وسلطات الباباوات خلال القرنين الثامن والتاسع عشر إلى أن اقتحم المدينة القائد الوطني الإيطالي «جيوسبي غريبالدي» الذي وحّد ايطاليا عام 1870 وفرض الإقامة الجبرية على البابا. وأعلنت المدينة على الفور عاصمة للدولة الإيطالية الوليدة ونصب «فيتوري ايمانويل الأول» ملكاً على البلاد. واستمرت الملكية إلى عام 1945 حين انتهت الحرب العالمية الثانية وأعلنت الجمهورية الإيطالية، ولكن بقيت روما عاصمة البلاد والقلب الحضاري النابض لايطاليا.
«لقد سلبتني روما كل غروري، لأنني بعد أن شاهدت عجائبها شعرت أني ضئيلة» بهذه الكلمات وصفت الكاتبة الروائية الأميركية «ماي كوتي» مشاعرها حيال زيارة «روما»، وإن كانت مشاعر جميع زائري المدينة الخالدة لا تضطرب إلى هذه الدرجة، لكن ليس بوسع أي إنسان يزور روما للمرة الأولى إلا وأن يقف مذهولاً أمام روائعها الفنية وتاريخها المذهل...
روما مدينة بعبق تاريخي متميز
قد يكون «الكولوسيو» أو المسرح الروماني أشهر معالم العاصمة الإيطالية، هذا المبنى الضخم الواقع في قلب المدينة بناه الإمبراطور «تيتوس» عام ثمانين ميلادية وخصصه لألعاب الإبهار الدموية كمصارعة المقاتلين حتى الموت، ومقاتلة أسرى الجيوش الرومانية لوحوش البرية أمام الجمهور. ويتسع «الكولسيو» لأكثر من ثمانين ألف متفرج. وكان المبنى مسرحاً للكثير من القصص الدموية، حيث كان المصارع المهزوم يقتل أو يرمى للوحوش الضارية أمام تهليل الجمهور. وعلى بعد خطوات قليلة من «الكولوسيو» يوجد المنتدى الروماني «فورو رومانو» وهو وسط المدينة القديم حيث كانت توجد المعابد والبلديات وأسواق المدينة. وأعظم آثار هذه المنطقة قوس النصر المسمى «اركو دي سيتيمو سبفبرو» وبني عام 205م لتخليد ذكرى انتصار الرومان على «البارثانيين»، كما يوجد بالمنطقة مجلس شيوخ الإمبراطورية الرومانية «كوريا»، وكان مركز صنع القرار خلال الحقبة الجمهورية للإمبراطورية الرومانية، وهناك أيضا قصر عذارى «فيستالي»، وهن ست راهبات كن يقمن على إبقاء النار متقدة في معبد «فيستا».
وعلى الرغم مما يقال بحق «روما» بأنها «مدينة الأطلال» حيث إن معظم آثارها مدمر بشكل جزئي، غير أن مجمع الآلهة «بارثينون» في ساحة «روتوندا» لا يزال بحالة جيدة. بني المجمع عام 270م من قبل «ماركوس اريبا» كمعبد لآلهة الاولمبياد، وأعيد بناؤه بشكل كامل بعد مائة عام من قبل الإمبراطور هدريان. وحوّل عام 609م إلى كنيسة كاثوليكية. وقطر قبة البارثينون 43 متراً وهو ما يعادل ارتفاع المبنى، مما يجعل منه معجزة هندسية مقارنة بتقنيات عصر بنائه.
وتتميز روما بساحاتها الأنيقة غير أن أجملها ساحتا «ديل كامبيدوغليو» التي صممها «مايكل أنجلو» وساحة «نوفانا»، أكثر ساحات روما حيوية وضجيجاً بحركة الناس، وهي محاطة بآثار معمارية بناها الفنانان «جيان لورينزو باريني» و«فرانشسكو بوروميني» وعاش كلاهما في القرنين السادس عشر والسابع عشر وأطلقا أسلوب «الباروك» الفني.
ومن الساحات المهمة الساحة الإسبانية، حيث يوجد ما يسمى بالدرجات الإسبانية، والتي تضم المنزل الذي توفي فيه الشاعر «جون كيتس» عام 1821، والمنزل الآن متحف يجمع بعض مقتنيات «كيتس» وعدد من الشعراء الرومانتيكيين. وفي الساحة الإسبانية أيضاً واحدة من أجمل نوافير روما، نافورة «تريفي» حيث يقوم السياح بتمني أمنية ورمي قطعة نقدية بحوض النافورة. وصممت النافورة 1732 من قبل الفنان «نيكولا سالفي».
من جهة أخرى، تعدّ روما عاصمة المقاهي في أوروبا، حيث لا تخلو ساحة أو جادة في المدينة من المقاهي، التي يتوقف عندها سكان المدينة لتناول الآيس كريم، أو احتساء القهوة الإيطالية بتنويعاتها المختلفة. ولأن للمطبخ الإيطالي سمعة عالمية، لذلك ليس من المدهش أن يكون لروما الكثير من المطاعم التي تقدم أشهى المأكولات الإيطالية بصيغتها التقليدية. وتتكون الوجبة الإيطالية الكاملة من خمسة «كورسات»، «انتي باساتو» المقبلات، «بريمو» الطبق الأول، «سيكوندو» الطبق الثاني، «كونتورني» الطبق الجانبي و«دولتشي» التحلية.
الفاتيكان في قلب روما
لعل وجود «الفاتيكان» كدولة مستقلة وقائمة بذاتها تقع في وسط روما يعدّ من أبرز غرائب هذه المدينة الساحرة،إذ أصبحت مدينة الفاتيكان بلداً مستقلاً وفقاً لاتفاقية «لاتيرن» عام 1929، ونصت الاتفاقية على أن تكون المسيحية الكاثوليكية الديانة الرسمية للدولة الإيطالية. وتبلغ مساحة الفاتيكان نحو 0.44 كلم مربع وتعداد سكانها 880 شخصاً، وهي بذلك أصغر دول العالم على الإطلاق.
وفي قلب مدينة الفاتيكان كنيسة القديس بطرس، أهم الكنائس الكاثوليكية قاطبة، والتي تمتاز بضخامتها إضافة إلى جمال قبتها من الداخل والتي تحمل توقيع ريشة «مايكل انجلو» الذي بذل كل ما بوسعه لجعلها تحفة خالدة. والكثير من آثار وروائع الفاتيكان محفوظ بمتحف المدينة الذي أوجده البابا «يوليوس الثاني» في القرن السادس عشر. ويضم المتحف الكثير من المنسوجات والمخطوطات والمشغولات واللوحات الفنية التي لا تقدر بثمن، كرسومات للفنانين «كرافاجيو» و «ديفينتشي» و«تيتيان».
نابولي محمية في قائمة التراث العالمي
يتميز خليج نابولي باحتوائه على العديد من الآثار الخالدة والجزر الهادئة، كما يتميز بصناعة البيتزا الشهية، ويعتبره الكثيرون «ريفييرا الإمبراطورية الرومانية» والتي ظلت جوهرة في تاج إيطاليا على مدى ألفي عام. تعدّ نابولي ثالث أكبر مدن إيطاليا، تقع في جنوب البلاد، على ساحل البحر الأبيض المتوسط وهي عاصمة إقليم كامبانيا وهي أكبر مدن جنوب إيطاليا و يقع بالقرب منها بركان فيزوفيوس. وقد صنفها اليونسكو في قائمة التراث العالمي.
وتعتبر نابولي مدينة سياحية هامة، حيث تجمع بين الآثار الرومانية التي تسحر الأنظار والمناظر الطبيعية التي تخطف العقول. كما تتميز المدينة بشوارعها التي تمتلئ بالحيوية والفن الراقي والتصميم المعماري المدهش.
وكانت صحيفة الـ»إنديبندنت» البريطانية قد أشارت عبر موقعها الإلكتروني إلى أنه إذا اتجهنا نحو الجنوب من نابولي، فسنجد أن التطور قد أخذ حظه من المدينة حتى عم خليج نابولي بالكامل تقريباً ليمتد حتى الطريق المؤدي إلى مدينة سورنتو، حيث عمت المظاهر الحضرية أنحاء المدينة. أما مدينة بومبي الواقعة على خليج نابولي والتي غطتها الصخور الكبيرة وطبقات الرماد عام 79 قبل الميلاد فقد ساهمت في حفظ المدينة العريقة بالكامل، ولذلك نشاهد وصفاً دقيقاً ومميزاً للحياة التي يعيشها السكان في هذه الفترة. وتمتد هذه المنطقة على مساحة 66 هكتاراً، بما فيها 12 هكتاراً مفتوحة للعامة للمشاهدة ولأعمال التنقيب الأثري الجارية في المناطق المغلقة. أما مدينة هيركولانيوم فهي أصغر مساحة وأكثر ثراء من بومبي وهي المنتجع الروماني الذي يقع بالقرب من شاطئ البحر والتي دفنتها كتلة كبيرة من الطين وذلك بعد ثورة البركان.ويتميز خليج نابولي بالتنوع في التراث الحضاري، حيث يجمع مابين قطع الفسيفساء الفريدة والمنحوتات الفنية، إضافة إلى التماثيل واللوحات الفنية. كما يعتبر خليج نابولي من أكثر الأماكن ثراء من الناحية التاريخية، فبالإضافة إلى ما سبق نجد أنه يحوي العديد من الكنائس العريقة والقصر الملكي وجزيرتي كابري وإسكيا المجاورتين.
البندقية.. قد تغرق خلال 40 سنة!!
يقال إن من يذهب لزيارة البندقية غير عاشق لابد وأن يعود منها عاشقاً للمدينة ذاتها.. والسبب في ذلك يرتبط بسحر المدينة، القائمة على 118 جزيرة، وطبيعة وسائل النقل فيها السائرة على جادات مائية في حين خصصت أزقة المركز للمشاة حصرياً.. تمتد البندقية بين مصبي نهري «أديجي» و»بيفاي»، ففي تلك المنطقة تكثر مصبات الأنهر النابعة من جبال الألب وتتخلل الجزر 177 قناة يمر فوقها 400 جسر، منها أربعة فوق «القناة الكبرى»: جسر «ريالتو» الشهير والأقدم في المدينة منذ عام 1591 والأكثر ارتياداً وهنالك «جسر الحفاة» و»جسر الأكاديمية» و»جسر الدستور». لكن موقع المدينة، بتميزه وسحره، هو تحديداً ما يهددها بالفناء اليوم. إذ ثمة حقائق عديدة تنذر بغرقها ربما مع حلول 2050 بحسب أكثر التوقعات تشاؤماً.
وتتمثل هذه الحقائق في تصاعد مستوى البحر على كوكب الأرض بشكل عام والتأثيرات الناجمة عن تطوير ميناء البندقية وما سببه ذلك من حفر قنوات عميقة لتمكين السفن الكبيرة من الرسو، كما انخفض مستوى الأرض نتيجة حفر الآبار للحصول على مياه جوفية، ناهيك عن إهمال تنظيف القنوات الـ177 مما ساهم في ترسب طبقات من الأوساخ والأتربة في قعرها كما أن مباني المدينة قائمة على أعمدة خشبية تآكلت كثيراً بسبب حركتي المد والجزر.
بالطبع هنالك محاولات كثيرة لإنقاذ المدينة أو على الأقل تأجيل غرقها.. وعلى الرغم من عدم التيقن من العمر المتبقي للمدينة إلا أنه من المؤكد أنه مازالت زيارتها متاحة لعقود مقبلة. حيث تنتظر ساحة «سان ماركو» الساحة الرئيسية في المدينة المزيد من الزوار بكنيستها الشهيرة وقصر «دوجات»- قصر حكام المدينة التاريخي-. فضلاً عن وجود تسعة متاحف إذ أنجبت البندقية للعالم عبر الزمن عشرات الفنانين والرسامين ومنذ عام 1895 وفي السنوات الفردية منها ينظم في المدينة مهرجان «الفن المعاصر» أحد أهم الأحداث الفنية في العالم، فضلاً عن وجود كرنفال البندقية السنوي الشهير...
إن زيارة إيطاليا ومدنها المتعددة الساحرة أمر لاغنى عنه على خارطة كل سائح يبحث عن عراقة التاريخ، جمال الطبيعة، أصالة الفن وسحر التنزه وإن تطلب الأمر تكلفة مالية تستحقها الزيارة بجدارة.
وبعيداً عن مدى صحة الأسطورة، فإن الحقائق التاريخية تؤكد على تأسس المدينة بالفعل في الألفية الأولى قبل الميلاد وتطورها من قرية صغيرة إلى «دولة مدينة» عاشت الكثير من الصراعات والحروب لتوسع حكمها الذي امتد من المحيط الأطلسي في الغرب إلى ضفاف نهر الفرات في الشرق، متضمنة جميع الأراضي المطلة على البحر الأبيض المتوسط والذي سماه الرومان «ماري نوستروم» أي بحرنا.
حكايات للتاريخ
تحفل قصة صعود وانحلال الإمبراطورية الرومانية بالكثير من الأحداث المأساوية، إذ خلد التاريخ من أباطرتها المتعطشين للدم «نيرون» الرهيب (54 ـ 68م)، «كومادوس» (180 ـ 192م) والإمبراطور المجنون «كاليغولا» (37 ـ 41 م). وعلى الرغم من قسوة بعض أباطرتها، إلا أن روما استمرت في الصعود وبقيت عاصمة للإمبراطورية حتى قام الإمبراطور «ديكوليتان» بتقسيم الإمبراطورية إلى قسمين، الإمبراطورية الرومانية الغربية وعاصمتها روما والإمبراطورية البيزنطية وعاصمتها القسطنطينية. ومنذ ذلك الحين بدأت روما في التراجع والهبوط.
ومع صعود المسيحية وازدياد سلطان الباباوات استعادت المدينة بعضاً من عافيتها ومكانتها التاريخية. وفي عهد البابا غريغوري الأول (590 ـ 604م) الذي شجع نشر المسيحية في أوروبا عادت الأموال تنهمر على المدينة، بحيث صرف البابا الجديد ومن بعده من الباباوات هذه الأموال على إعادة بناء روما. وعلى الرغم من الانحدار الذي لحق بالإمبراطورية خلال فترة نقل الكرسي البابوي إلى مدينة افينون استمر الباباوات في مشاريع البناء، وسعى كل واحد منهم إلى التفوق على من سبقوه وتخليد اسمه في التاريخ بمنشأة معمارية، واستفادت المدينة من فناني عصر النهضة الذين شارك الكثير منهم في بناء التحف المعمارية، وكان أهمهم على الإطلاق مايكل أنجلو الذي قضى أربع سنوات كاملة في رسم سقف كنيسة «السيستين» بالفاتيكان. بعد ذلك، انحسرت قوة وسلطات الباباوات خلال القرنين الثامن والتاسع عشر إلى أن اقتحم المدينة القائد الوطني الإيطالي «جيوسبي غريبالدي» الذي وحّد ايطاليا عام 1870 وفرض الإقامة الجبرية على البابا. وأعلنت المدينة على الفور عاصمة للدولة الإيطالية الوليدة ونصب «فيتوري ايمانويل الأول» ملكاً على البلاد. واستمرت الملكية إلى عام 1945 حين انتهت الحرب العالمية الثانية وأعلنت الجمهورية الإيطالية، ولكن بقيت روما عاصمة البلاد والقلب الحضاري النابض لايطاليا.
«لقد سلبتني روما كل غروري، لأنني بعد أن شاهدت عجائبها شعرت أني ضئيلة» بهذه الكلمات وصفت الكاتبة الروائية الأميركية «ماي كوتي» مشاعرها حيال زيارة «روما»، وإن كانت مشاعر جميع زائري المدينة الخالدة لا تضطرب إلى هذه الدرجة، لكن ليس بوسع أي إنسان يزور روما للمرة الأولى إلا وأن يقف مذهولاً أمام روائعها الفنية وتاريخها المذهل...
روما مدينة بعبق تاريخي متميز
قد يكون «الكولوسيو» أو المسرح الروماني أشهر معالم العاصمة الإيطالية، هذا المبنى الضخم الواقع في قلب المدينة بناه الإمبراطور «تيتوس» عام ثمانين ميلادية وخصصه لألعاب الإبهار الدموية كمصارعة المقاتلين حتى الموت، ومقاتلة أسرى الجيوش الرومانية لوحوش البرية أمام الجمهور. ويتسع «الكولسيو» لأكثر من ثمانين ألف متفرج. وكان المبنى مسرحاً للكثير من القصص الدموية، حيث كان المصارع المهزوم يقتل أو يرمى للوحوش الضارية أمام تهليل الجمهور. وعلى بعد خطوات قليلة من «الكولوسيو» يوجد المنتدى الروماني «فورو رومانو» وهو وسط المدينة القديم حيث كانت توجد المعابد والبلديات وأسواق المدينة. وأعظم آثار هذه المنطقة قوس النصر المسمى «اركو دي سيتيمو سبفبرو» وبني عام 205م لتخليد ذكرى انتصار الرومان على «البارثانيين»، كما يوجد بالمنطقة مجلس شيوخ الإمبراطورية الرومانية «كوريا»، وكان مركز صنع القرار خلال الحقبة الجمهورية للإمبراطورية الرومانية، وهناك أيضا قصر عذارى «فيستالي»، وهن ست راهبات كن يقمن على إبقاء النار متقدة في معبد «فيستا».
وعلى الرغم مما يقال بحق «روما» بأنها «مدينة الأطلال» حيث إن معظم آثارها مدمر بشكل جزئي، غير أن مجمع الآلهة «بارثينون» في ساحة «روتوندا» لا يزال بحالة جيدة. بني المجمع عام 270م من قبل «ماركوس اريبا» كمعبد لآلهة الاولمبياد، وأعيد بناؤه بشكل كامل بعد مائة عام من قبل الإمبراطور هدريان. وحوّل عام 609م إلى كنيسة كاثوليكية. وقطر قبة البارثينون 43 متراً وهو ما يعادل ارتفاع المبنى، مما يجعل منه معجزة هندسية مقارنة بتقنيات عصر بنائه.
وتتميز روما بساحاتها الأنيقة غير أن أجملها ساحتا «ديل كامبيدوغليو» التي صممها «مايكل أنجلو» وساحة «نوفانا»، أكثر ساحات روما حيوية وضجيجاً بحركة الناس، وهي محاطة بآثار معمارية بناها الفنانان «جيان لورينزو باريني» و«فرانشسكو بوروميني» وعاش كلاهما في القرنين السادس عشر والسابع عشر وأطلقا أسلوب «الباروك» الفني.
ومن الساحات المهمة الساحة الإسبانية، حيث يوجد ما يسمى بالدرجات الإسبانية، والتي تضم المنزل الذي توفي فيه الشاعر «جون كيتس» عام 1821، والمنزل الآن متحف يجمع بعض مقتنيات «كيتس» وعدد من الشعراء الرومانتيكيين. وفي الساحة الإسبانية أيضاً واحدة من أجمل نوافير روما، نافورة «تريفي» حيث يقوم السياح بتمني أمنية ورمي قطعة نقدية بحوض النافورة. وصممت النافورة 1732 من قبل الفنان «نيكولا سالفي».
من جهة أخرى، تعدّ روما عاصمة المقاهي في أوروبا، حيث لا تخلو ساحة أو جادة في المدينة من المقاهي، التي يتوقف عندها سكان المدينة لتناول الآيس كريم، أو احتساء القهوة الإيطالية بتنويعاتها المختلفة. ولأن للمطبخ الإيطالي سمعة عالمية، لذلك ليس من المدهش أن يكون لروما الكثير من المطاعم التي تقدم أشهى المأكولات الإيطالية بصيغتها التقليدية. وتتكون الوجبة الإيطالية الكاملة من خمسة «كورسات»، «انتي باساتو» المقبلات، «بريمو» الطبق الأول، «سيكوندو» الطبق الثاني، «كونتورني» الطبق الجانبي و«دولتشي» التحلية.
الفاتيكان في قلب روما
لعل وجود «الفاتيكان» كدولة مستقلة وقائمة بذاتها تقع في وسط روما يعدّ من أبرز غرائب هذه المدينة الساحرة،إذ أصبحت مدينة الفاتيكان بلداً مستقلاً وفقاً لاتفاقية «لاتيرن» عام 1929، ونصت الاتفاقية على أن تكون المسيحية الكاثوليكية الديانة الرسمية للدولة الإيطالية. وتبلغ مساحة الفاتيكان نحو 0.44 كلم مربع وتعداد سكانها 880 شخصاً، وهي بذلك أصغر دول العالم على الإطلاق.
وفي قلب مدينة الفاتيكان كنيسة القديس بطرس، أهم الكنائس الكاثوليكية قاطبة، والتي تمتاز بضخامتها إضافة إلى جمال قبتها من الداخل والتي تحمل توقيع ريشة «مايكل انجلو» الذي بذل كل ما بوسعه لجعلها تحفة خالدة. والكثير من آثار وروائع الفاتيكان محفوظ بمتحف المدينة الذي أوجده البابا «يوليوس الثاني» في القرن السادس عشر. ويضم المتحف الكثير من المنسوجات والمخطوطات والمشغولات واللوحات الفنية التي لا تقدر بثمن، كرسومات للفنانين «كرافاجيو» و «ديفينتشي» و«تيتيان».
نابولي محمية في قائمة التراث العالمي
يتميز خليج نابولي باحتوائه على العديد من الآثار الخالدة والجزر الهادئة، كما يتميز بصناعة البيتزا الشهية، ويعتبره الكثيرون «ريفييرا الإمبراطورية الرومانية» والتي ظلت جوهرة في تاج إيطاليا على مدى ألفي عام. تعدّ نابولي ثالث أكبر مدن إيطاليا، تقع في جنوب البلاد، على ساحل البحر الأبيض المتوسط وهي عاصمة إقليم كامبانيا وهي أكبر مدن جنوب إيطاليا و يقع بالقرب منها بركان فيزوفيوس. وقد صنفها اليونسكو في قائمة التراث العالمي.
وتعتبر نابولي مدينة سياحية هامة، حيث تجمع بين الآثار الرومانية التي تسحر الأنظار والمناظر الطبيعية التي تخطف العقول. كما تتميز المدينة بشوارعها التي تمتلئ بالحيوية والفن الراقي والتصميم المعماري المدهش.
وكانت صحيفة الـ»إنديبندنت» البريطانية قد أشارت عبر موقعها الإلكتروني إلى أنه إذا اتجهنا نحو الجنوب من نابولي، فسنجد أن التطور قد أخذ حظه من المدينة حتى عم خليج نابولي بالكامل تقريباً ليمتد حتى الطريق المؤدي إلى مدينة سورنتو، حيث عمت المظاهر الحضرية أنحاء المدينة. أما مدينة بومبي الواقعة على خليج نابولي والتي غطتها الصخور الكبيرة وطبقات الرماد عام 79 قبل الميلاد فقد ساهمت في حفظ المدينة العريقة بالكامل، ولذلك نشاهد وصفاً دقيقاً ومميزاً للحياة التي يعيشها السكان في هذه الفترة. وتمتد هذه المنطقة على مساحة 66 هكتاراً، بما فيها 12 هكتاراً مفتوحة للعامة للمشاهدة ولأعمال التنقيب الأثري الجارية في المناطق المغلقة. أما مدينة هيركولانيوم فهي أصغر مساحة وأكثر ثراء من بومبي وهي المنتجع الروماني الذي يقع بالقرب من شاطئ البحر والتي دفنتها كتلة كبيرة من الطين وذلك بعد ثورة البركان.ويتميز خليج نابولي بالتنوع في التراث الحضاري، حيث يجمع مابين قطع الفسيفساء الفريدة والمنحوتات الفنية، إضافة إلى التماثيل واللوحات الفنية. كما يعتبر خليج نابولي من أكثر الأماكن ثراء من الناحية التاريخية، فبالإضافة إلى ما سبق نجد أنه يحوي العديد من الكنائس العريقة والقصر الملكي وجزيرتي كابري وإسكيا المجاورتين.
البندقية.. قد تغرق خلال 40 سنة!!
يقال إن من يذهب لزيارة البندقية غير عاشق لابد وأن يعود منها عاشقاً للمدينة ذاتها.. والسبب في ذلك يرتبط بسحر المدينة، القائمة على 118 جزيرة، وطبيعة وسائل النقل فيها السائرة على جادات مائية في حين خصصت أزقة المركز للمشاة حصرياً.. تمتد البندقية بين مصبي نهري «أديجي» و»بيفاي»، ففي تلك المنطقة تكثر مصبات الأنهر النابعة من جبال الألب وتتخلل الجزر 177 قناة يمر فوقها 400 جسر، منها أربعة فوق «القناة الكبرى»: جسر «ريالتو» الشهير والأقدم في المدينة منذ عام 1591 والأكثر ارتياداً وهنالك «جسر الحفاة» و»جسر الأكاديمية» و»جسر الدستور». لكن موقع المدينة، بتميزه وسحره، هو تحديداً ما يهددها بالفناء اليوم. إذ ثمة حقائق عديدة تنذر بغرقها ربما مع حلول 2050 بحسب أكثر التوقعات تشاؤماً.
وتتمثل هذه الحقائق في تصاعد مستوى البحر على كوكب الأرض بشكل عام والتأثيرات الناجمة عن تطوير ميناء البندقية وما سببه ذلك من حفر قنوات عميقة لتمكين السفن الكبيرة من الرسو، كما انخفض مستوى الأرض نتيجة حفر الآبار للحصول على مياه جوفية، ناهيك عن إهمال تنظيف القنوات الـ177 مما ساهم في ترسب طبقات من الأوساخ والأتربة في قعرها كما أن مباني المدينة قائمة على أعمدة خشبية تآكلت كثيراً بسبب حركتي المد والجزر.
بالطبع هنالك محاولات كثيرة لإنقاذ المدينة أو على الأقل تأجيل غرقها.. وعلى الرغم من عدم التيقن من العمر المتبقي للمدينة إلا أنه من المؤكد أنه مازالت زيارتها متاحة لعقود مقبلة. حيث تنتظر ساحة «سان ماركو» الساحة الرئيسية في المدينة المزيد من الزوار بكنيستها الشهيرة وقصر «دوجات»- قصر حكام المدينة التاريخي-. فضلاً عن وجود تسعة متاحف إذ أنجبت البندقية للعالم عبر الزمن عشرات الفنانين والرسامين ومنذ عام 1895 وفي السنوات الفردية منها ينظم في المدينة مهرجان «الفن المعاصر» أحد أهم الأحداث الفنية في العالم، فضلاً عن وجود كرنفال البندقية السنوي الشهير...
إن زيارة إيطاليا ومدنها المتعددة الساحرة أمر لاغنى عنه على خارطة كل سائح يبحث عن عراقة التاريخ، جمال الطبيعة، أصالة الفن وسحر التنزه وإن تطلب الأمر تكلفة مالية تستحقها الزيارة بجدارة.
السبت مارس 26, 2016 2:20 am من طرف 2ananabac55
» Hack Texas HoldEm Poker
الأحد ديسمبر 21, 2014 10:30 pm من طرف yousef
» برنامج زيادة المال في لعبة Texas HoldEm Poker
الخميس فبراير 27, 2014 4:27 am من طرف nxh1910
» طريقة لزيادة الرصيد في بوكر الفيسبوك , اسهل طريقة لزيادة الشبس في لعبة البوكر
الأربعاء فبراير 12, 2014 4:12 am من طرف محمد حكيم
» برنامج زيادة النقاط وزيادة النقود في لعبة كنتري لايف country life
السبت فبراير 08, 2014 6:18 am من طرف sezer999
» طريقة استخراج الكنوز والدفائن
السبت نوفمبر 16, 2013 6:38 am من طرف zeidan
» اكتشاف13 مدفنا محفورة بالصخر الجيري في منطقة حوارة باربد
الخميس نوفمبر 07, 2013 7:45 am من طرف zeidan
» الدفائن والكنوز اليهودية
الخميس نوفمبر 07, 2013 7:01 am من طرف zeidan
» برنامج زيادة رصيد البوكر , الحصول على رصيد بالبوكر بالملاين
الإثنين سبتمبر 23, 2013 1:03 pm من طرف basemo
» برنامج الغش في لعبة Millionaire City مليونير المدينة في الفيسبوك facebook
السبت أغسطس 03, 2013 11:51 am من طرف ALJOKAR08
» تعرفة الخطوط الجديدة لمشتركي زين
الأربعاء مايو 01, 2013 4:03 pm من طرف علاء المنير
» برنامج زيادة الطاقة و زيادة المال في لعبة Empires & Allies
الجمعة أبريل 12, 2013 12:25 am من طرف csc
» ما هو ( اندرويد ) ؟
الخميس مارس 07, 2013 6:44 am من طرف xxxfares
» عندما يكون الاشيء شيء
الإثنين يناير 14, 2013 12:32 am من طرف منى اللوزي
» كلمات سر امبايرز اند اليز
الجمعة يناير 11, 2013 5:54 am من طرف السفاح الابيض
» الصمت الصامت
الخميس يناير 10, 2013 7:00 am من طرف نشأت حداد
» برنامج زيادة الطاقة و زيادة المال في لعبة Empires & Allies
الخميس ديسمبر 20, 2012 11:53 am من طرف سمرة
» مبارك يواجه مصيره
الخميس ديسمبر 20, 2012 11:47 am من طرف سمرة
» لماذا نتألم
السبت سبتمبر 01, 2012 5:43 am من طرف لولو
» حقائق راسخة مغلوطة
السبت سبتمبر 01, 2012 5:32 am من طرف لولو