سيدة تركيا الأولى....زوجة عبدالله غول

باتت "سيدة القصر" في تركيا سيدة محجبة .. ربما لم يكن هذا الأمر يرد على ذهن أحد في تركيا، أو على أذهان جميع من بتابعون دقائق وتفاصيل الشأن التركي من الخارج، ولا أيضا على أذهان من يعملون في وسائل الإعلام المختلفة والذين يحلو لهم أن يقرأوا ما بين سطور التصريحات والبيانات خاصة تلك التي تأتي من ناحية الجيش.

أصبح عبدالله غول الدبلوماسي الهادئ المعتدل الذي يحظى باحترام واسع داخل وخارج تركيا رئيسا للجمهورية التركية العلمانية، وهو السياسي الذي يوصف بأنه ذو جذور اسلامية مع أن تركيا هي دولة اسلامية وكل جذورها اسلامية، والبعض يتحدث عن أزمة مؤجلة وصراع سيتفجر مع أول خطأ لغول في حق التراث العلماني الأتاتوركي للجمهورية التركية.

ولعل هذا الاعتقاد، والانتظار الدائم للمفاجآت في تركيا ينبع من كونها نموذجا فريدا لدولة اسلامية تطبق النظام العلماني، ومن أنها دولة مدنية للعسكر فيها كلمة عليا، وأن المتعارف عليه هو أن الحجاب غير مسموح له بأن يصبح رمزا للدولة.

هذا الاعتقاد كان سائدا قبل انتخابات نوفمبر 2002التي اكتسحها حزب العدالة والتنمية وجاء عن طريقها إلى السلطة، وكان الجميع يعتقد أنه لن يتم السماح لهذا الحزب بأن يحكم البلاد، لكنه حكمها لمدة أربعة أعوام ونصف العام ثم جدد الشعب تأييده له بشكل أوسع في الانتخابات البرلمانية المبكرة في يوليو الماضي، والتي وضعت حدا لأزمة سياسية كان محورها الصراع التقليدي بين الجناحين .. العلمانيون والاسلاميون.

لكن ماذا عن القضية الأساسية التي ينظر اليها على أنها ستكون محور الصراع الآن، وهي قضية الحجاب، وتحديدا حجاب زوجة الرئيس ؟

من الآن يمكن القول إنه لن تكون هناك أزمة حادة، فحزب العدالة والتنمية الذي جاء منه الرئيس الجديد لتركيا عبدالله غول موجود في السلطة منذ أكثر من اربع سنوات بوزرائه ونوابه ورئيسه رجب طيب أردوغان الذي ترتدي زوجته الحجاب، وابتعد الحزب طوال هذه الفترة عن الدخول في صدام مباشر مع رافضي الحجاب ولم يكلفه الأمر الكثير سوى تنازل كل زوج عن اصطحاب زوجته المحجبة إلى المناطق الممنوع فيها الحجاب.

وهذا بالضبط ما فعله غول، لم تحضر زوجته وابنته مراسم أداء اليمين الدستورية في البرلمان، ولم تحضرا بعد ذلك حفل استقبال أقامه غول في قصر الرئاسة بعد أن تسلم منصبه من الرئيس السابق أحمد نجدت سيزار ب

شكل صامت، وكان جميع الحاضرين بداية برئيس الوزراء رجب طيب أردوغان ورئيس البرلمان كوكسال توبتان والوزراء والنواب والمدعوين من الخارج وبينهم ثلاثة من الصحفيين الكبار جميعهم دون زوجاتهم وكانت السيدة الوحيدة الموجودة هي وزيرة الدولة لشئون المرأة نعمت جوبكجو .

أما "سيدة القصر" خير النساء غول فهي سيدة مرحة وأنيقة رغم حجابها، وبطبيعتها تتجنب الأضواء، ولذلك فليست لديها أدنى مشكلة في ألا تظهر في المناسبات الرسمية أو تلك التي يمكن أن تتسبب في أزمة لزوجها الذي كان رئيسا للوزراء ووزيرا للخارجية ولم تتسبب له في أي أزمات.

والمعروف عن خير النساء " 42عاما" أنها سيدة متدينة تحرص على أداء الصلوات الخمس وترى أن حجابها الذي يكرهه المعارضون باعتباره رمزا لتحدي النظام العلماني هو خيار شخصي يجب احترامه.

وتقول خير النساء إنها زارت العديد من دول العالم ولم يمثل الحجاب أية مشكلة بالنسبة لها إلا في بلدها تركيا، فبالنسبة للعلمانيين المتشددين تبقى خير النساء مدافعة قوية عن الحجاب الذي يقولون انه يمثل تراجعا عن الإصلاحات الهائلة التي طبقها أتاتورك لتحرير المرأة.

وكانت خير النساء تقدمت بشكوى إلى المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان في عام 2002عندما رفضت جامعة أنقرة السماح لها بالتسجيل فيها بسبب حجابها، إلا أنها سحبت الشكوى بعد أن تولى حزب العدالة والتنمية السلطة في العام نفسه وأصبح زوجها وزيرا للخارجية.

ولا تزال تأمل خير النساء في أن تسمح لها الظروف بأن تلتحق بالجامعة على الرغم من كبر سنها ودائما تقول: "عندما يتم حل هذه المشكلة أريد أن أدرس في الجامعة رغم تقدمي في العمر".

وكانت خير النساء تركت دراستها الثانوية ولم يتجاوز عمرها 15عاما لتتزوج من عبدالله غول الذي كان عمره 32عاما وذلك بعد أن التقيا في حفل زفاف في مدينة قيصري "وسط تركيا"، مسقط رأس غول.

ومثل والدتها فان "كوبرا" ابنة عبدالله غول التي تبلغ من العمر 22عاما ترتدي الحجاب لكنها تخرجت في الجامعة هذا العام وكانت ترتدي شعرا مستعارا فوق حجابها وهي الحيلة التي تفعلها الفتيات اللاتي ترغبن في اتمام التعليم الجامعي دون التخلي عن حجابهن. لكن هذا الوضع قد ينتهي قريبا إذا نجح حزب العدالة والتنمية في تمرير الدستور الجديد للبلاد الذي يتضمن مشروعه الذي تتم مراجعته حاليا تخفيفا للقيود على ارتداء الطالبات الحجاب داخل الجامعة .. وساعتها قد تبدأ خير النساء غول دراستها الجامعية.

يسلمو فاليوم والله يعز الاسلام

اللهم آمين