قطار الأنفاق يجري سريعا، يتوقف للحظات قصيرة في محطة يغمرها ضوء باهر، ثم يعود فيتوغل في الظلمة ليشع ضوءاً من الداخل، تجمهر الكثير من الناس حولي من مختلف الألوان والأشكال، اختلطت فيه البشرة البيضاء بالسوداء. اتحدت فيه العيون الملونة الشفيفة بالعيون السوداء العميقة، وامتزجت روائح العطور الغالية برائحة العرق ورائحة الأجساد مع رائحة الفواكه والحلوى وبودرة الأطفال.
غصت في هذا الزخم المتلاطم من البشر والأضواء والظلمة والعطور والعفونة والحقيقة والحلم، وخرجت مرة أخرى من جسدي أحاول أن اخفي ذلك اليأس القاتم، واغطي ملامح وجهي الحزينة فقد تظهر واضحة، فأشحت به إلى النافذة وقد سبقني المطر بالبكاء فسال خطوطا رسمها حزن السماء الأزلي.
كان واقفا: رجلا ذا لحية صغيرة وشعر لامع طويل مربوط إلى الخلف. اختبأت عيناه السوداء خلف نظارة طبية وتأبط حقيبة سوداء قديمة والتصقت عيناي الغائمتان بعينيه من غير قصد. لم أكن أريد منه شيئاً.
ظلت نظرته الثاقبة مثبته على وجهي وقتا طويلاً. هل كان يلحظ دموعي؟
الحزن حين يتلألأ في العينين لا نستطيع كتمانه فينزلق بعد أن يغرق العينين تماما، وينحدر قطرات لا تتوقف. كنت أبكي وأشيح بوجهي عنه هاربة من تشابك الهموم موغلة في الإحباط والصمت والرجل ينظر إلي، وأنا ارحل في داخل الروح التي كانت تنزوي كعصفور صغير يرتجف في المطر. ايه، أيتها الروح لكم قاسيت! ولكم سال دمعك دما!
خلا الكرسي الوحيد بجانبي واتخذ الرجل مجلسه بجانبي. كان المطر ينهمر. ودخلنا مرة أخرى في نفق طويل يشع بأنوار خافتة، وظلت عيناي تمطران. هناك من الغيوم بأعماقنا ما تجعلنا نبكي لساعات دون أن نتوقف. يا الهي! من أين يأتي كل هذا الماء لينصب حزنا من عيوننا؟ وهل تنضب الأحزان حين نبكي؟
نظر إلي الغريب وتمتم بلغة هادئة لم افهمها، غير أن حنانا غريبا كان يتداخل بين الكلمات. من أنت بالله عليك؟ ماذا تعني؟ لم يجب.. أخرج منديلا ورقيا وأخذ يمسح دموعي، وكانت عيناه تسافران في حزن بعيد. وأخرج منديلا آخر.
كان هناك شيء، شيء ما، شيء خفي غير مرئي يحرك تلك المياه الراكدة أعماقي وموسيقى بدأت أسمعها بوضوح تأتي من الغيب البعيد.
هناك شيء ما في داخل هذا الرجل. شعرت أن جبالا من الثلج بدأت تذوب، ومياهاً أسمع صوت خريرها، وطيوراً تغرد في غابات بعيدة.
القطار يسير والرجل يتحدث بصوت هادئ والمطر ينهمر حزنا مجسما لكل أعوامي.
كان يطلب مني أن أتوقف عن البكاء، وكان يقول لي بأني عزيزة على قلبه، وكان يشد على يدي مشجعا. وحلقت بعيدا . وكان للحياة لون يختلف عن اليوم. لم اكن أعرف إلى أين أنا ذاهبة، فقد غابت معالم الطريق ومعالم الزمن ووجدت نفسي امام صداقة كاذبة.
تمر الأيام يوما تلو يوم، ثم الأسابيع والشهور والسنوات. لم أفهم ما هي الصداقة وما هي المشاعر. نعم كنت أنا تلك المرأة، وكان هو الرجل، لكن لم يكن يجمعنا شيء الا الصداقة والاخوة العظيمة. كان هو الرجل العظيم، القائد، الأمير، ، . أنا الجاهلة بأمر الصداقة، الساذجة، الغبية. ما كان يراني يوما، يسمعني يوما، يفهمني يوما. لماذا مات الصديق ؟ وما بقى منه جسد متعب، متداع، يشتعل بالغضب الموقوت في أي لحظة ليرميني بأقسى الكلمات وأكثرها مرارة. وما أكثر ما انفجرت براكين الغضب أدافع عن كرامة جريحة وكبرياء قتيلة من كثر ما رأيت من الناس
ثرت وبكيت، وشيئا فشيئا خمدت تلك العواصف في روحي، وتحولت إلى مرارة مزمنة أحس بطعمها كلما نظر إلي رجل. أنا امرأة أيها الأصدقاء، امرأة تملك من المشاعر بحجم هذا العالم. أريد أن أحيا وأن أعيش وأن يأخذني زمن غير هذا الزمن/ ومكان غير هذا المكان، لأحس بطعم الحياة.
عقارب الساعة تدور ونهار يذهب ونهار يأتي، الزمن هذا المتربص لنا دائما والذي بت أخشاه كلما طالعني وجهي في المرآة. الغريب يمسح دموعي، لكنه لا يستطيع أن يمسح كل مساحات الحزن.
ما معنى أن تبكي امرأة وحيدة في قطار؟ ظل ينظر إلي وعيناه تقولان الكثير الكثير.
ما الذي يمكن أن أتحدث به معك؟ لو كنت رأيتني وأنا في العشرين بضفيرتي الطويلة، بالربيع الذي كان مزروعا بروحي قبل وجهي، بالآمال التي كانت تطفح في أعماقي. هل تدرك سيدي معنى الحياة بلا أمل؟ هل تشعر بما تشعر به امرأة في حياتها المجدبة ؟ لقد أعطيت، أعطيت حتى لم يبق ما أعطيه. قل يا رجل ما الذي تريده مني؟
نحن في رحلة قصيرة جدا رحلة عابرة، كل سيذهب في طريقه، ولكن لن انسى أبداً أنك مسحت دموعي. عشرون عاما لم يحاول ذلك الرجل الذي شاركني رحلة العمر أن ير ى يوما دموعي أو يشعر بها..
وقف القطار. قرأت اسم المحطة القريبة من بيتنا. نهضت أجر قدمي اإلى باب القطار، ونهض الرجل ونزل من القطار مثلي، وقال لي مشيرا إلى مقهى قريب راجيا مني أن أشاركه في تناول فنجان قهوة. رفضت دعوته وأنا محرجة، لكني لمحت عينيه تتوسلان رجعي صداقتنا. وسرعان ما سحب يدي دون أن انتبه ، ولا ادري كيف أتى بزهرة جميلة؟ وضعها في يدي وافترقنا. وظل ينظر إلى الخلف، وتلاشى كغيمة صيف واختفى في الظلام...وقال ما بوسعي عمل شيء
هذه هي الدنيا ......الدنيا
غصت في هذا الزخم المتلاطم من البشر والأضواء والظلمة والعطور والعفونة والحقيقة والحلم، وخرجت مرة أخرى من جسدي أحاول أن اخفي ذلك اليأس القاتم، واغطي ملامح وجهي الحزينة فقد تظهر واضحة، فأشحت به إلى النافذة وقد سبقني المطر بالبكاء فسال خطوطا رسمها حزن السماء الأزلي.
كان واقفا: رجلا ذا لحية صغيرة وشعر لامع طويل مربوط إلى الخلف. اختبأت عيناه السوداء خلف نظارة طبية وتأبط حقيبة سوداء قديمة والتصقت عيناي الغائمتان بعينيه من غير قصد. لم أكن أريد منه شيئاً.
ظلت نظرته الثاقبة مثبته على وجهي وقتا طويلاً. هل كان يلحظ دموعي؟
الحزن حين يتلألأ في العينين لا نستطيع كتمانه فينزلق بعد أن يغرق العينين تماما، وينحدر قطرات لا تتوقف. كنت أبكي وأشيح بوجهي عنه هاربة من تشابك الهموم موغلة في الإحباط والصمت والرجل ينظر إلي، وأنا ارحل في داخل الروح التي كانت تنزوي كعصفور صغير يرتجف في المطر. ايه، أيتها الروح لكم قاسيت! ولكم سال دمعك دما!
خلا الكرسي الوحيد بجانبي واتخذ الرجل مجلسه بجانبي. كان المطر ينهمر. ودخلنا مرة أخرى في نفق طويل يشع بأنوار خافتة، وظلت عيناي تمطران. هناك من الغيوم بأعماقنا ما تجعلنا نبكي لساعات دون أن نتوقف. يا الهي! من أين يأتي كل هذا الماء لينصب حزنا من عيوننا؟ وهل تنضب الأحزان حين نبكي؟
نظر إلي الغريب وتمتم بلغة هادئة لم افهمها، غير أن حنانا غريبا كان يتداخل بين الكلمات. من أنت بالله عليك؟ ماذا تعني؟ لم يجب.. أخرج منديلا ورقيا وأخذ يمسح دموعي، وكانت عيناه تسافران في حزن بعيد. وأخرج منديلا آخر.
كان هناك شيء، شيء ما، شيء خفي غير مرئي يحرك تلك المياه الراكدة أعماقي وموسيقى بدأت أسمعها بوضوح تأتي من الغيب البعيد.
هناك شيء ما في داخل هذا الرجل. شعرت أن جبالا من الثلج بدأت تذوب، ومياهاً أسمع صوت خريرها، وطيوراً تغرد في غابات بعيدة.
القطار يسير والرجل يتحدث بصوت هادئ والمطر ينهمر حزنا مجسما لكل أعوامي.
كان يطلب مني أن أتوقف عن البكاء، وكان يقول لي بأني عزيزة على قلبه، وكان يشد على يدي مشجعا. وحلقت بعيدا . وكان للحياة لون يختلف عن اليوم. لم اكن أعرف إلى أين أنا ذاهبة، فقد غابت معالم الطريق ومعالم الزمن ووجدت نفسي امام صداقة كاذبة.
تمر الأيام يوما تلو يوم، ثم الأسابيع والشهور والسنوات. لم أفهم ما هي الصداقة وما هي المشاعر. نعم كنت أنا تلك المرأة، وكان هو الرجل، لكن لم يكن يجمعنا شيء الا الصداقة والاخوة العظيمة. كان هو الرجل العظيم، القائد، الأمير، ، . أنا الجاهلة بأمر الصداقة، الساذجة، الغبية. ما كان يراني يوما، يسمعني يوما، يفهمني يوما. لماذا مات الصديق ؟ وما بقى منه جسد متعب، متداع، يشتعل بالغضب الموقوت في أي لحظة ليرميني بأقسى الكلمات وأكثرها مرارة. وما أكثر ما انفجرت براكين الغضب أدافع عن كرامة جريحة وكبرياء قتيلة من كثر ما رأيت من الناس
ثرت وبكيت، وشيئا فشيئا خمدت تلك العواصف في روحي، وتحولت إلى مرارة مزمنة أحس بطعمها كلما نظر إلي رجل. أنا امرأة أيها الأصدقاء، امرأة تملك من المشاعر بحجم هذا العالم. أريد أن أحيا وأن أعيش وأن يأخذني زمن غير هذا الزمن/ ومكان غير هذا المكان، لأحس بطعم الحياة.
عقارب الساعة تدور ونهار يذهب ونهار يأتي، الزمن هذا المتربص لنا دائما والذي بت أخشاه كلما طالعني وجهي في المرآة. الغريب يمسح دموعي، لكنه لا يستطيع أن يمسح كل مساحات الحزن.
ما معنى أن تبكي امرأة وحيدة في قطار؟ ظل ينظر إلي وعيناه تقولان الكثير الكثير.
ما الذي يمكن أن أتحدث به معك؟ لو كنت رأيتني وأنا في العشرين بضفيرتي الطويلة، بالربيع الذي كان مزروعا بروحي قبل وجهي، بالآمال التي كانت تطفح في أعماقي. هل تدرك سيدي معنى الحياة بلا أمل؟ هل تشعر بما تشعر به امرأة في حياتها المجدبة ؟ لقد أعطيت، أعطيت حتى لم يبق ما أعطيه. قل يا رجل ما الذي تريده مني؟
نحن في رحلة قصيرة جدا رحلة عابرة، كل سيذهب في طريقه، ولكن لن انسى أبداً أنك مسحت دموعي. عشرون عاما لم يحاول ذلك الرجل الذي شاركني رحلة العمر أن ير ى يوما دموعي أو يشعر بها..
وقف القطار. قرأت اسم المحطة القريبة من بيتنا. نهضت أجر قدمي اإلى باب القطار، ونهض الرجل ونزل من القطار مثلي، وقال لي مشيرا إلى مقهى قريب راجيا مني أن أشاركه في تناول فنجان قهوة. رفضت دعوته وأنا محرجة، لكني لمحت عينيه تتوسلان رجعي صداقتنا. وسرعان ما سحب يدي دون أن انتبه ، ولا ادري كيف أتى بزهرة جميلة؟ وضعها في يدي وافترقنا. وظل ينظر إلى الخلف، وتلاشى كغيمة صيف واختفى في الظلام...وقال ما بوسعي عمل شيء
هذه هي الدنيا ......الدنيا
السبت مارس 26, 2016 2:20 am من طرف 2ananabac55
» Hack Texas HoldEm Poker
الأحد ديسمبر 21, 2014 10:30 pm من طرف yousef
» برنامج زيادة المال في لعبة Texas HoldEm Poker
الخميس فبراير 27, 2014 4:27 am من طرف nxh1910
» طريقة لزيادة الرصيد في بوكر الفيسبوك , اسهل طريقة لزيادة الشبس في لعبة البوكر
الأربعاء فبراير 12, 2014 4:12 am من طرف محمد حكيم
» برنامج زيادة النقاط وزيادة النقود في لعبة كنتري لايف country life
السبت فبراير 08, 2014 6:18 am من طرف sezer999
» طريقة استخراج الكنوز والدفائن
السبت نوفمبر 16, 2013 6:38 am من طرف zeidan
» اكتشاف13 مدفنا محفورة بالصخر الجيري في منطقة حوارة باربد
الخميس نوفمبر 07, 2013 7:45 am من طرف zeidan
» الدفائن والكنوز اليهودية
الخميس نوفمبر 07, 2013 7:01 am من طرف zeidan
» برنامج زيادة رصيد البوكر , الحصول على رصيد بالبوكر بالملاين
الإثنين سبتمبر 23, 2013 1:03 pm من طرف basemo
» برنامج الغش في لعبة Millionaire City مليونير المدينة في الفيسبوك facebook
السبت أغسطس 03, 2013 11:51 am من طرف ALJOKAR08
» تعرفة الخطوط الجديدة لمشتركي زين
الأربعاء مايو 01, 2013 4:03 pm من طرف علاء المنير
» برنامج زيادة الطاقة و زيادة المال في لعبة Empires & Allies
الجمعة أبريل 12, 2013 12:25 am من طرف csc
» ما هو ( اندرويد ) ؟
الخميس مارس 07, 2013 6:44 am من طرف xxxfares
» عندما يكون الاشيء شيء
الإثنين يناير 14, 2013 12:32 am من طرف منى اللوزي
» كلمات سر امبايرز اند اليز
الجمعة يناير 11, 2013 5:54 am من طرف السفاح الابيض
» الصمت الصامت
الخميس يناير 10, 2013 7:00 am من طرف نشأت حداد
» برنامج زيادة الطاقة و زيادة المال في لعبة Empires & Allies
الخميس ديسمبر 20, 2012 11:53 am من طرف سمرة
» مبارك يواجه مصيره
الخميس ديسمبر 20, 2012 11:47 am من طرف سمرة
» لماذا نتألم
السبت سبتمبر 01, 2012 5:43 am من طرف لولو
» حقائق راسخة مغلوطة
السبت سبتمبر 01, 2012 5:32 am من طرف لولو